الأحد، 30 مايو 2010

مجموعة العشرين تساند استراتيجية أوروبا في التصدي لازمة الديون


 وكالة رويترز للأنباء  


من المرجح أن يساند وزراء المالية في أكبر اقتصادات في العالم خلال اجتماعهم نهاية الاسبوع بقوة جهود أوروبا لتسوية أزمة ديونها لكنهم لن يعلنوا عن سياسات جديدة لمساعدتها في ذلك.

وبعد عدة شهور مارست خلالها واشنطن وبكين وغيرها من الحكومات الضغوط على أوروبا لتتحرك بطريقة أكثر حسما في مواجهة الازمة يبدو الان أن صانعي السياسات في العالم يشعرون أنه قد بدأ تنفيذ استراتيجية تتمتع بفرصة معقولة للنجاح وأنه يجب منحها الوقت لتؤتي ثمارها.

لذا من المرجح أن يثني وزراء المالية ورؤساء البنوك في مجموعة العشرين خلال اجتماعهم يومي الرابع والخامس من يونيو حزيران في كوريا الجنوبية على أوروبا ويشكلون جبهة موحدة للتصدي للازمة على أمل طمأنة أسواق المال.

ويوم الاربعاء الماضي قال وزير الخزانة الامريكي تيموثي جايتنر في لندن ان الحكومات الاوروبية تعاونت في صياغة "برنامج قوي للغاية من الاصلاحات النقدية وتعهدت بالتزام قوي للغاية على الصعيد المالي" مضيفا أن من الضروري الان البدء في تطبيق الخطط.

واستبعد مسؤول في احدى دول المجموعة يشارك في تحضير الاجتماع أن تعلن اوروبا أو مجموعة العشرين عن أي سياسات جديدة في الوقت الراهن اذ انه تم الكشف للتو عن خطوات معالجة الازمة ويجري تنفيذها الان.

ورجح المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان يؤكد الاجتماع على أن أوروبا ستنفذ خطتها وأن الاسواق ستستقر.

وفي وقت سابق من الشهر انتابت حكومات مجموعة العشرين حالة من القلق من عجز بعض الدول الاوروبية عن حشد الارادة السياسية اللازمة لمواجهة مشكلات ديونها العامة.

وتحدث الرئيس الامريكي باراك أوباما بشكل شخصي الى رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو لحثه على تطبيق اصلاحات في الميزانية. وعقد مسؤولون في المجموعة مؤتمرات عبر الهاتف لبحث السياسة الاوروبية.

ومنذ ذلك الحين أعلنت أوروبا عن استراتيجية من شقين. يتمثل الشق الاول في مجموعة من برامج التقشف الوطنية تستهدف خفض العجز العام والدين الحكومي الى نسب آمنة من الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأعلنت الدول المثقلة بأكبر ديون في منطقة اليورو وهي اليونان والبرتغال واسبانيا وايطاليا عن اجراءات تقشف هذا الشهر. وحتى فرنسا ذات الموقف الاقوى تحركت وأعلنت اعتزامها أن ينص الدستور على خفض العجز.

أما الشق الثاني من الاستراتيجية فيتمثل في مساندة طارئة في شكل سيولة من الدول الغنية لافساح الوقت لاجراءات التقشف كي تؤتي ثمارها ويضمن ذلك أن تحتفظ الدول بقدرتها على الحصول على التمويل حتى وان عجزت عن تمويل نفسها في سوق السندات كما هو حال اليونان.

وبالاضافة الى خطة لانقاذ اليونان قيمتها 110 مليارات يورو تمد البلدان الاوروبية شبكة أمان مالي للدول المثقلة بالديون يمكن أن تصل الى جانب المساندة التي سيقدمها صندوق النقد الدولي الى 750 مليار يورو -- وهو ما يمثل ثلاثة أرباع اجمالي الدين العام لليونان والبرتغال وايرلندا وأسبانيا.

بيد أن هذه الاستراتيجية لم تطمئن الاسواق سوى بصورة جزئية كما يظهر من استمرار القيود على السوق النقدية بين البنوك في منطقة اليورو. وهناك ايضا شكوك بشأن رغبة بعض الدول في تمويل الدول المدينة طالما تدعو الحاجة.

ويظهر استطلاع لرويترز ان قليلا من المحللين يعتقدون أن تدابير التقشف التي اخذتها اليونان وربما دول أخرى لن تجدي نفعا اذ أن هذه الدول معسرة على نحو كبير مما يجعل اعادة هيكلة الديون أمرا لا مفر منه في نهاية المطاف. وتسعى المانيا الى ارساء اسلوب منظم للتعامل مع حالات الاعسار المالي في الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو بهدف معالجة هذا الوضع الطاريء.

لكن مسؤولين أوروبيين قالوا علانية ان الاسواق هشة بدرجة لا تسمح لاي دولة بأن تجازف باعادة هيكلة ديونها في الوقت الحالي دون أن يفجر ذلك أزمة مالية أوسع نطاقا.

كما تخشى مجموعة العشرين من أن تكبح سياسات التقشف الاوروبية انتعاش الاقتصاد العالمي من حالة الركود. ويقول مسؤولون في المجموعة ان هذا سيكون قضية رئيسية على جدول المناقشات خلال الاجتماع. ويمكن أن توجه أي عملية لاعادة هيكلة الديون في أوروبا ضربة جديدة للنمو من خلال الاضرار بالبنوك التجارية.

وحتى الان تبدو المجموعة راغبة في أن تلقي بثقلها وراء جهود أوروبا لعزل نفسها عن الاسواق من خلال القروض الطارئة بينما تحاول معالجة أزمة ديونها.

وبدا أن جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في سان لويس وهو مسؤول أمريكي بارز في الشؤون النقدية يساند هذا التوجه خلال زيارة الى ستوكهولم يوم الخميس الماضي وقال ان أوروبا "اشترت وقتا" لحكوماتها.

وأضاف "اذا كان هناك نوع من اعادة الهيكلة في المستقبل... فربما يكون بعد عدة سنوات من الان."

ورجح مسؤول اخر من احدى دول مجموعة العشرين ان توصل المجموعة رسالة وحدة وتضامن مع أوروبا خلال الاجتماع المقبل.

ويمكن أن يساعد ذلك في حد ذاته في طمأنة الاسواق التي اجتاحها الاضطراب الاسبوع الماضي عندما شقت المانيا صف اجماع عالمي بشأن تنظيم أسواق المال وحظرت بصورة فردية بعض أنواع البيع على المكشوف.

ومن شأن اقناع المستثمرين بأن مجموعة العشرين لا تزال تتحرك صوب التوصل لاتفاق بشأن التنظيم المالي وأنها تحاول على الاقل تنسيق السياسات النقدية بهدف حماية النمو الاقتصادي أن يهديء اضطراب الاسواق.

وقال بيير كارلو بادوان كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية " يمكن أن يوجهوا اشارة قوية للاسواق العالمية بانهم يعنون ذلك سياسيا عندما يقولون انهم يريدون تنسيق السياسات.

"الجهد المشترك والاستثمار السياسي الجماعي من مجموعة العشرين سيعود بالنفع على الجميع."

وفي أبريل نيسان 2009 مثل اظهار الوحدة من جانب زعماء مجموعة العشرين خلال قمة في لندن بداية انتعاش الاسواق من الازمة المالية العالمية وربما أسهم في عودة الثقة. ويمكن لاجتماع هذا الاسبوع وقمة قادة المجموعة المقبلة التي تعقد في تورنتو بكندا في أواخر يونيو أن يكون لهما نفس التأثير على أزمة ديون أوروبا.

ويعتقد محللون أنه أمام حكومات المجموعة وبنوكها المركزية عددا من الخيارات السياسية البديلة اذا ما تفاقمت الازمة من بينها أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الامريكي (البنك المركزي) سعر الفائدة الذي يفرضه على البنك المركزي الاوروبي عن مبادلات بالدولار وهو ما قام المجلس باستعادة العمل به هذا الشهر لتهدئة التوتر في أسواق النقد الاوروبية.

وكان استخدام البنوك التجارية للمبادلات ضعيفا وهو ما ألقى بعض المتعاملين باللوم فيه على السعر. لكن بولارد قال هذا الاسبوع انه يعتقد أن استخدام المبادلات تراجع لان القيود المالية كانت أقل صرامة مقارنة بها في أواخر عام 2008. ومن بين الخيارات الاخرى في حال قوض ضعف اليورو بصورة مفرطة الثقة في أصول منطقة اليورو تدخل منسق من قبل البنوك المركزية الرئيسية في مجموعة العشرين لدعم العملة الموحدة.

لكن حتى الان لم يبدأ المسؤولون في البنك المركزي الاوروبي في اصدار تحذيرات شفهية عن الضعف المفرط لليورو ويدركون أن هبوط اليورو لاقل مستوى له في أربع سنوات يساعد في استمرار النمو الاقتصادي في المنطقة.

واذا ما تدهورت الظروف المالية بصورة أكبر سيكون لدي المركزي الاوروبي خيارات من بينها خفض اخر في أسعار الفائدة الرسمية التي بلعت انخفاضا قياسيا وتوسع هائل في شراء السندات الحكومية. لكن هذه خطوات جوهرية يمكن أن تعتبرها الاسواق مؤشرات على الفزع لذا يتوقع أن يحتفظ بها البنك المركزي كبديل في المستقبل المنظور.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق