الأحد، 30 مايو 2010

ساويرس : تحول جذري في السياسة الاستثمارية لـ"أوراسكوم تليكوم"

جريدة المال  


فجر رجل الأعمال نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم تليكوم القابضة، باقة مفاجآت من العيار الثقيل في أول حواره بعد سلسلة القضايا والأحداث الجوهرية المتعاقبة التي مرت بها "O.T" منذ بداية العام الحالي.

تجول ساويرس خلال حواره مع "المال" بين تفاصيل السياسات المستقبلية للشركة، وتطرق إلى خبايا اتفاق تسوية نزاعها مع "فرانس تليكوم" والآليات التي تم اتباعها في التعامل مع حقوق أقليات مساهمي موبينيل، وموقفه من اختبار شراكات جديدة مع الكيان الفرنسي.

أثمرت مناقشات التسوية التي تصدرت أولويات رئيس مجلس إدارة "أوراسكوم تليكوم القابضة" خلال الحوار ودارت حول انتقال "المال" تجاهل "O.T" حقوق أقليات "موبينيل" وقواعد الإفصاح خلال مفاوضاتها مع "MTN" الجنوب أفريقية، عن رصد دوافع تمسك "أوراسكوم" بالإفصاح المتأخر عن نتائج المفاوضات، فكشف "ساويرس" عن أنه كان من المقرر توقيع عقود صفقة "أوراسكوم- MTN" في اليوم الذي حددته "O.T" للإفصاح عن حقيقة المفاوضات الدائرة، كما رصد الأسباب التي أعاقت إتمام الاتفاق حتى الآن.

وحدد "ساويرس" في أولى مفاجآته مستجدات المفاوضات الراهنة مع "MTN"، والموعد النهائي المقرر لحسمها، ليتطرق من خلالها إلى السيناريوهات المتوقعة لنتائجها، وموقف شركة المحمول الجزائرية "جيزي" من هذه المفاوضات، ليشرح لـ"المال" دوافع "O.T" في خوض هذه المفاوضات التي تمثل أولى خطوات إعادة هيكلة سياستها الاستثمارية التي تبنتها منذ التأسيس.

وكشف رئيس مجلس إدارة "O.T" عن تأهب شركة لاختراق أربع أسواق جديدة غير أفريقية من خلال المنافسة على خدمات تشغيل التليفون المحمول في ثلاث منها، فيما ستنافس في السوق الرابعة على كيان يجمع بين رخصتي الثابت والمحمول، علاوة على عزم الشركة المنافسة بقوة على رخصة الثابت الثانية بالسوق المصرية في حال طرحها بجانب دعم حصتها السوقية من خدمات التليفون المحمول بالسوق المحلية من خلال المنافسة على حصة "فودافون العالمية" بشركة "فودافون- مصر" بدلا من الرخصة الرابعة للمحمول.

ورسم نجيب ساويرس خريطة الأسواق التي تستهدف الشركة تعظيم استثماراتها بها بالإضافة إلى وضع المعايير والمواصفات السياسية والاقتصادية والديموغرافية للأسواق المثالية لاستثمارات "أوراسكوم تليكوم" خلال الفترة المقبلة، في إطار التحول الجذري للسياسة الاستثمارية للشركة بعد الأزمة العالمية.
وأكد "ساويرس" التزام شركة أوراسكوم تليكوم القابضة بالاستمرار في بحث الفرص الجاذبة في الأنشطة التكميلية للنشاط الرئيسي للمجموعة، خاصة على صعيد الاستثمار بالقطاع المصرفي وشبكات الكهرباء، علاوة على مراكز تعهيد الخدمات مثل الـ"Call centers" والـ"Data centers" بالإضافة إلى قرار "O.T" الاستمرار في تجديد عقد إدارتها لشبكة التليفون المحمول اللبنانية "ألفا" لحين إقرار الحكومة اللبنانية خصخصة هذا القطاع للمنافسة على إحدى وحداته، بجانب "التزام أوراسكوم" باستكمال خطتها الاستثمارية بالسوق الكندية بعد نجاحها في الحصول على الموافقة اللازمة لبدء خدماتها من خلال العلامة التجارية "ويند".

وألقى "ساويرس" الضوء على بعض نماذج المشكلات التي تواجهها استثمارات الشركة في أسواقها الراهنة، ويتخلص أهمها في المطالبات الضريبية غير المبررة التي تلجأ إليها حكومات الدول الناشئة طمعا في انتزاع نسب كبيرة من هوامش ربحية، القطاع والذي يتمتع بمعدلات نمو جية بهذه الأسواق، في حين حدد المعوقات التي تواجهه بالسوق المحلية في احتدام المنافسة السعرية بين مشغلي المحمول الثلاثة، والتي بدأت تؤثر سلبا على ربحية الشركات.

كما تطرق الحوار إلى المعوقات الاقتصادية والسياسية التي تؤثر سلبا على جاذبية السوق المحلية أمام الاستثمارات الجديدة، خاصة فيما يتعلق بقصر بعض الأنشطة الاستثمارية على الجهات الحكومية، في ظل ضعف الموارد المالية للدولة، بالإضافة إلى الانتقادات الشعبية محدودة الوعي بمميزات اختراق القطاع الخاص هذه القطاعات.

في البداية فرض اتفاق تسوية نزاع "O.T" مع شركة فرانس تليكوم نفسه على حوار "المال" مع نجيب ساويريس، رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم تليكوم القابضة، وهو الاتفاق الذي شغل الرأي العام لأكثر من عام ونصف العام تداولت خلالها السوق المحلية العديد من التكهنات حول مصري الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول "موبينيل" وسط مطالب بضرورة بقاء "O.T" في الهيكل الإداري والمالي للشركة والذي استطاع اتفاق التسوية الحفاظ عليه، إلا أنه أشعل موجة غضب عارمة لدى شريحة كبيرة من المستثمرين والذين اتهموا "O.T" بإهدار حقوق الأقليات، خاصة بعد حصولها على ترضية مالية ضخمة ترجمها البعض على أنها مقابل تخليها عن حقوق الأقليات.

وردا على هذه الانتقادات باغت ساويرس "المال" بطرح سؤالين رئيسيين قبل استعراض مميزات اتفاق تسوية النزاع مع "F.T" دلل بهما على التزام الشركة بحماية حقوق الأقليات الأول. هل أعلنت "O.T" يوما ما عن رغبتها في بيع "موبينيل" والثاني: هل أسفر الاتفاق عن بيعها؟.

وأضاف أن هذه الاتهامات نبعت من مراهنة المضاربين على بيع "O.T" لحصتها في الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول "موبينيل" عند مستويات سعرية تفوق أسعار عروض الشراء التي تقدمت بها "فرانس تليكوم" أكثر من مرة لافتا إلى أن آراء العديد من المستثمرين وبعض الجهات الحكومية فسرت تمسك "اوراسكوم" بسعر التحكيم برغبتها في رفع سعر البيع، وليس لتعجيز الشريك الفرنسي عن إخراج "O.T" من الهيكل المالي والإداري لـ"موبينيل".

ودلل ساويرس على التزام "أوراسكوم تليكوم" بضمان حقوق الأقليات في تسعير سهم المصرية لخدمات التليفون المحمول داخل اتفاق التسوية في حال لجوء الشركة لتطبيق خيار البيع، بارتفاع السقف السعري المنصوص عليه بالاتفاقية عن أعلى عرض حصل عليه المستثمرون طوال فترة النزاع بثلاثة جنيهات، فأعلى سعر في اتفاق التسوية يبلغ 248 جنيها للسهم، في حين بلغ أعلى سعر قدمته "F.T" في عروضها المتتالية 245 جنيها.

وأشار ساويريس إلى أن اتفاق التسويقة لم يفرط في حقوق المستثمرين بل تعمد إزاحة المضارب الذي لجأ لنشر الشائعات بين أوساط المتعاملين عن عزم "O.T" التخارج من الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول للاستفادة من ذلك في التلاعب على سعر السهم من البورصة، ليقتصر هيكل ملكية الشركة على المستثمرين الراغبين في تحقيق عوائد جيدة من هوامش الربحية المستقرة بغض النظر عن التذبذبات السعرية للسهم بسوق المال.

وحول طرق حساب الترضية المالية التي حصلت عليها الشركة والبالغة 300 مليون دولار، بالإضافة إلى الترضية المرتقبة في حال تنفذ خيار البيع والبالغة 110 ملايين يورو نظير تنازل الشركة عن الإدارة، وأخيرا معدل الزيادة السنوية التي تم إدخاله ضمن معادلة احتساب سعر سهم المصرية لخدمات التليفون المحمول بخيار البيع والتي أثارت جدلا بين أوساط المحليين ووصفها البعض بأنها قيم تم الاتفاق عليها وديا دون الاعتماد على أسس مالية واضحة، أوضح رئيس مجلس إدارة "أوارسكوم تليكوم القابضة" لـ"المال" أن شركته اعتمدت على محلل مالي، لقياس حجم الخسائر الناتجة عن تخلي "O.T" عن إدراج إجمالي إيرادات "المصرية لخدمات التليفون المحمول" في ميزانيتها والاكتفاء بصافي الأرباح التي ستتحصل عليها منها كشركة تابعة.

وقال إن إدراج نتائج موبينيل في القوائم المجمعة لـ"فرانس" سيقلص حجم إيرادات "O.T" بحوالي 2 مليار جنيه تمثل عوائد "موبينيل" وهو الأمر الذي سينعكس سلبا على تقييم كيان "اوراسكوم تليكوم".

وأضاف ساويرس أن التحليل المالي اعتمد عند حساب قيمة الترضية المالية على الحصة المباشرة لـ"O.T" والبالغة حوالي 33% دون الاعتداد بحصص المجموعات المرتبطة داخل حسابها والبالغة حوالي 9% مما أثمر عن تحديد ما يقرب من 300 مليون دولار كقيمة مفقودة من تقييم "أوراسكوم تليكوم" بعد ضم الميزانيات التفضيلية لـ"موبينيل" في قوائم شركة فرانس تليكوم.

وأشار ساويرس إلى أن المقابل المادي الذي ستحصل عليه "أوراسكوم" في حال تطبيقها خيار البيع ثم احتسابه من خلال قيمة ما تحصل عليه سنويات مقابل خدمات الإدارة والبالغة 0.75% من إيرادات الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول لحين انتهاء صلاحية الرخصة، بالإضافة إلى أن معدل الزيادة السنوية المدرج في معادلة احتساب سعر السهم بخيار البيع والبالغ 3% يمثل معدل الفائدة على سعر صرف اليورو لافتا إلى أن الشريك الفرنسي رفض تسعير السهم بالعملة المحلية والتي كانت ستضيف حوالي 8 إلى 10% سنويا على الحد السعري الأدنى المنصوص عليه بالاتفاقية.

واستخدم نجيب ساويرس مبررا تقييم الترضيات المالية الخاصة بحق الإدارة وانتزاع إيرادات "موبينيل" من ميزانيات الشركة للتأكيد على عدم تحمل مساهمي "موبينيل" أي خسائر أو تضحيات جراء هذه التسوية، حيث إن الخاسر الوحيد بها هو "أوراسكوم تليكوم" والتي حصلت بالفعل على مقابل مادي عن هذه الخسائر وأكد رئيس مجلس إدارة أوراسكوم تليكوم لـ"المال" عدم توصل طرفي اتفاق التسوية إلى المعالجة المناسبة لحسم استفادة كل من شركتي "المصرية لخدمات التليفون المحمول" و"موبينيل للاتصالات" من العلامة التجارية "موبينيل" مما دفعها للنص بالاتفاقية على تقنين أوضاعها لضمان عدم وقوع خلافات جديدة بين الشركتين قائلا: إن ما تم الاتفاق عليه بشأنها يتخلص في معنى عبارة" لا إضرار ولا مقابل لأي من الطرفين".

وردا على سؤال لـ"المال" حول رؤية نجيب ساويرس كمستثمر لبنود اتفاقية التسوية بين "O.T" و"F.T"، تخلي ساويريس عن رؤيته الإدارية كرئيس لـ"أوراسكوم" وتقمص دور المستثمر الصغير الذي لا يحمل سوى 10 آلاف سهم في "موبينيل"، وبدأ في تقييم إيجابيات الاتفاق بالنسبة للمستثمر الحقيقي خاصة طويل الأجل، ولخصها في ضمان فارق سعري 3 جنيهات بين اتفاق التسوية وأعلى عروض قدمتها "أورانج بارتسيباشنر" التابعة للشريك الفرنسي قبل الاتفاق. ثم استعاد نظرته كرئيس لمجلس إدارة "O.T" ونصح المستثمر بالتمسك بحصته في "موبينيل" بدعم من الاستقرار الذي ستشهده استثمارات الشركة بعد فض النزاع والذي سيساهم في تعظيم قيمتها السوقية رغم المنافسة السعرية الشرسة بالسوق المحلية، قائلا "أنا مقتنع بصلابة "موبينيل" وأتوقع زيادة توزيعات أرباحها".

وأضاف ساويرس أن الإدارة التنفيذية للشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول "موبينيل" تعكف حاليا على الوصول لمعالجات تجارية ذكية للتسلح أمام حرب حرق الأسعار لجميع خدمات المحمول بالسوق المحلية والتي بلغت مستويات طاردة للربحية قد تكون السبب الرئيسي وراء بيع شركة "فودافون العالمية" حصتها بشركة فودافون مصر" في حال جدية الطرح- على حد قوله.

واستطرد رئيس مجلس إدارة "أوراسكوم تيكوم قائلا: إن شركة "موبينيل" ستهتم خلال الفترة المقبلة بالتوسع في تغطية خدمات الجيل الثالث "3G" علاوة على التركيز على خدمات ومراكز المعلومات "Data Centers" في إطار سعي الشركة لتعظيم إيراداتها من هذه الأنشطة والتصدي لتداعيات المنافسة المحتدمة بين الشركات الثلاث بالسوق المصرية.

وحول تصريح رئيس شركة فرانس تليكوم التي تلي توقيع التسوية الخاصة برغبة "F.T" الاستحواذ على بعض وحدات أوراسكوم الأفريقية بالإضافة إلى الإعجاب المتزايد الذي صاحب نبرة صوت رئيس مجلس إدارة "O.T" في حواره مع "المال" عند الحديث عن التحول الجذري في رؤية الإدارة التنفيذية للشركة الفرنسية بعد تولي استيفان ريتشارد رئاستها، نفى ساويريس وجود أي خطابات رسمية مع الشريك الفرنسي بهذا الصدد، مؤكدا ترحيب "O.T" بالتعامل مع "فرانس" في أي صورة من الصور خلال الفترة المقبلة.

وعن سيناريوهات تعظيم استثمارات "أوراسكوم تليكوم" القابضة بالسوق المحلية في ظل التصريحات المتعاقبة لوزير الاتصالات الدكتور طارق كامل حول طرح الرخصة الرابعة للمحمول والرخصة الثانية للتليفون الثابت استبعد نجيب ساويرس في حواره مع "المال تقدمه للمنافسة على الرخصة الرابعة لخدمات التليفون المحمول، لضعف جدواها الاستثمارية في ظل حرب حرق أسعار الخدمات علاوة على سيطرة الشركات القائمة حاليا على حصص سوقية مؤثرة واقتراب تشبع السوق المصرية من هذه الخدمات بعد وصول معدلات الانتشار بها لأكثر من 70%، قائلا "الرخصة الرابعة طفل مات قبل مولده".

وشكك رئيس مجلس إدارة "أوراسكوم تليكوم القابضة" في جدية كل من وزارة الاتصالات وجهاز تنظيم الاتصالات في طرح رخصة الثابت الثانية، قائلا: "الوزارة والجهاز يستهدفان حماية المصرية للاتصالات"، ورأى أن التصريحات المتعاقبة بخصوص الرخصة الثانية للثابت ما هي إلا مخرج إعلامي من التناقض بين سعي الطرفين للحفاظ على ربحية "المصرية للاتصالات"، وصعوبة الجهر باحتكار الشركة لخدمات الثابت بالسوق المحلية.

وأكد ساويرس جدية "أوراسكوم تليكوم" في المنافسة على الرخصة الثانية للتليفون الثابت في حال طرحها بهدف دعم استثمارات الشركة بقطاع الاتصالات المصري، والذي ما زال يتمتع بمعدلات نمو جيدة، وبدعم من خبرة "O.T" في تقديم هذه الخدمات بأسواق عالمية أكثر تطورا على الصعيد التكنولوجي مقارنة بالسوق المحلية، لافتا إلى الجاذبية الاستثنائية- من وجهة نظره- للاستثمار بالسوق المحلية التي وصفها بأن له مذاقا خاصا قائلا: تستطيع النزول للشارع واختيار مجال الاستثمار دون الحادة لركوب طائرة.

وفي أول تصريح له عن الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية، كشف نجيب ساويرس في حواره مع "المال" عن التحول الجذري للسياسة الاستثمارية للشركة التي كانت تتبنى اختراق الأسواق الناشئة مرتفعة المخاطر سعيا وراء معدلات النمو المطردة التي تتمتع بها هذه الأسواق وذلك منذ تأسيس الشركة، لتنبنى حاليا رؤية استثمارية جديدة تراهن "O.T" من خلالها على اختراق الأسواق التي تمتع بديموغرافية متميزة في تنوع وتعداد سكانها لاقتناص الكيانات الكبيرة بهذه الأسواق في ظل توافر شروط القيمة المضافة.
أوضح ساويرس أن الأزمة المالية العالمية فرضت على "O.T" ضرورة إعادة هيكلة سياستها واستثماراتها الراهنة من خلال العمل على التخلص من الشركات صغيرة الحجم التابعة لها في مقابل تعظيم استثماراتها بأسواقها الرئيسية مثل مصر وباكستان وإيطاليا واليونان، بالإضافة إلى الجزائر في حال انتهاء مشكلاتها الراهنة علاوة على سعي الشركة لاختراق أسواق جديدة تتمتع بمواصفات محددة تتلاءم مع الرؤية الاستثمارية الجديدة التي تبنتها "أوراسكوم تليكوم".





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق